يُعدّ مرض السكري من الأمراض المزمنة التي تتطلب عناية خاصة في نمط الحياة، وعلى رأسها التغذية اليومية. فالغذاء يُشكل حجر الأساس في التحكم بمستوى السكر في الدم وتفادي المضاعفات الخطيرة. التغذية الصحية لمرضى السكري لا تعني الحرمان، بل تعني التوازن والاختيار الذكي للمكونات التي تُحافظ على استقرار السكر وتحمي القلب والكليتين والعينين من التلف التدريجي. في هذا المقال، نستعرض أهم المبادئ الغذائية التي ينبغي أن يعتمدها مريض السكري، مع اقتراحات لأطعمة نافعة وأخرى يجب تجنبها.
التحكم في الكربوهيدرات
الكربوهيدرات تؤثر بشكل مباشر على مستوى السكر في الدم، لذلك يجب على مريض السكري أن يتعلم كيفية احتساب كميتها في الوجبات. يُفضل اختيار الكربوهيدرات المعقدة مثل الشوفان، العدس، الحبوب الكاملة، والشعير، لأنها تُهضم ببطء ولا ترفع السكر بسرعة.
في المقابل، يُنصح بتجنب الكربوهيدرات البسيطة مثل السكر الأبيض، الخبز الأبيض، المعجنات، والعصائر المحلاة، لأنها ترفع مستوى الجلوكوز بشكل حاد. الاعتدال هو الأساس، ويمكن استشارة أخصائي تغذية لتحديد الكمية اليومية المناسبة حسب نشاط المريض وعمره.
الإكثار من الألياف
الألياف تُساعد على إبطاء امتصاص السكر من الأمعاء، مما يساهم في تنظيم مستوياته في الدم. كما تُعزز الشعور بالشبع وتُحسّن من صحة الجهاز الهضمي. من أفضل مصادر الألياف: الخضروات الورقية، الفواكه الكاملة (وليس عصيرها)، البقوليات، والبذور مثل بذور الكتان والشيا.
يُفضل أن يحرص المريض على تناول الخضروات في كل وجبة، ودمج الحبوب الكاملة مع البروتين لتوفير توازن غذائي يساهم في استقرار مستوى الجلوكوز لأطول فترة ممكنة.
اختيار الدهون الصحية
مرضى السكري أكثر عرضة لأمراض القلب، لذلك من المهم الحد من الدهون المشبعة والمهدرجة (مثل السمن النباتي والزيوت المكررة) واستبدالها بدهون صحية مثل زيت الزيتون، زيت جوز الهند الطبيعي، والأفوكادو.
كذلك، يُوصى بتناول الأسماك الدهنية مثل السلمون والسردين مرتين في الأسبوع على الأقل، لأنها تحتوي على الأوميغا 3 التي تقلل من الالتهاب وتحمي الأوعية الدموية.
أهمية البروتين
البروتين لا يؤثر مباشرة على مستوى السكر، لكنه يُساهم في بناء العضلات والمحافظة على الشعور بالشبع. يُفضّل اختيار مصادر بروتين خالية من الدهون مثل الدجاج، الديك الرومي، البيض، واللبن الزبادي الطبيعي. كما أن البقوليات تُعدّ مصدرًا جيدًا للبروتين النباتي.
يُراعى تناول البروتين بشكل متوازن مع الكربوهيدرات في كل وجبة، لتقليل التأثير العام على سكر الدم ولتعزيز توازن الوجبة من حيث الطاقة والعناصر الغذائية.
الاعتدال في الفواكه
الفواكه تُعدّ مصدرًا طبيعيًا للفيتامينات والمعادن، ولكنها تحتوي على سكر الفركتوز. لذلك، يُنصح مريض السكري بتناول الفواكه بكمية معتدلة، مع تفضيل الفواكه ذات المؤشر الجلايسيمي المنخفض مثل التفاح، الكمثرى، البرقوق، والتوت.
يُمنع تناول العصائر المعلبة أو الطبيعية المُركزة، لأنها ترفع السكر بسرعة وتفتقر للألياف. يُفضل دائمًا تناول الفاكهة كاملة، وفي أوقات منتظمة خلال اليوم لتجنب ارتفاع مفاجئ في السكر.
المشروبات والسوائل
يجب تجنّب المشروبات الغازية والمحلاة تمامًا، لأنها تؤدي إلى ارتفاع مفاجئ في السكر. يُوصى بشرب الماء بانتظام طوال اليوم، مع إمكانية تناول المشروبات العشبية غير المحلاة مثل الزعتر، القرفة، والبابونج.
القهوة يمكن شربها دون سكر أو باستخدام مُحليات طبيعية بموافقة الطبيب، لكن يجب عدم الإفراط فيها لتجنّب التأثيرات على ضغط الدم أو النوم.
توقيت وتوزيع الوجبات
من المهم لمريض السكري أن يتناول وجبات منتظمة موزعة خلال اليوم، وتجنب فترات الجوع الطويلة التي قد تؤدي لانخفاض أو ارتفاع مفاجئ في السكر. يُنصح بثلاث وجبات رئيسية ووجبتين خفيفتين صحيتين.
التخطيط المسبق للوجبات، وتناولها في أوقات ثابتة تقريبًا، يُساعد في استقرار السكر ويُقلل من الحاجة المفاجئة للأنسولين أو الأدوية الخافضة للسكر.
- Log in to post comments